لماذا نؤمن بالسلبيّة أكثر من الإيجابيّة؟

انتشر منذ فترة فيديو لشيخ سعودي يقول فيه أنّ الأرض غير كروية، بل مسطّحة، وحجّته في ذلك هو أنّ الطائرة المروحية إذا حلّقت في الجوّ وانتظرت بضع ساعات فستبقى مكانها، ولن تتحرّك مع دوران الأرض حول نفسها، لذلك فالأرض مسطّحة وليست كرة وفق وصفه.

الآن لو تابعت سيل الشتائم والتسفيه للشيوخ من وراء هذا الفيديو لرأيت العجب العجاب، مئات الآلاف من المشاهدات والمشاركات والتعليقات عن شيوخ بول البعير المتخلفين الرجعيين الذين لا يعبّرون عن الإسلام ولا يفهمون روح العلم فيه.

في نفس الوقت، انتشر فيديو آخر للشيخ صالح المنجد يدعوا فيه الشباب إلى تعلّم تقنيات الحماية والاختراق الأخلاقي ونظاميّ لينكس ويونكس، ويحثّهم على التخصص في التكنولوجيا لنعدّ لهم ما استطعنا من قوّة، بضع مشاركات هنا وهناك وانتهى الموضوع.

هناك سبب وجيه لتركيز الناس على نشر السلبية في الحالة الأولى وعدم نشر الإيجابية في الحالة الثانية، هناك سبب لتركيز المستخدمين على نشر السلبيات التي قد تواجههم في تعامل مادّي مع شركة معيّنة عبر الإنترنت وعدم حديثهم عن التجارب الإيجابية.

السبب هو “الخطر” أو “الشعور بالخسارة”، الدماغ البشري سيكون مرتاحًا مع الإيجابيات وبغير حاجة لأن يأخذ أيّ إجراء مضاد، بينما مع السلبيات التي تواجهنا في حياتنا اليومية، يشعر الدماغ بالخطر فيرسل سيلًا من المشاعر والإشارات إلى أنحاء الجسم لكي تتصرّف بصورة سلبية. الأمر بهذه البساطة فعلًا.

السلبية ضرورية جدًا، لا حياة دون سلبية فهي تجعلك تعرف الأخطار أو المشاكل المحدقة بك حقًا، أحيانًا يكون الواقع بأكمله سلبيًا ومن الغباء التفاؤل بالنصر عندما ترى قنبلة نووية تتجه نحوك دون أن تقوم بعمل شيء، ولكن في نفس الوقت أخذ جرعة زائدة منها مهلكٌ هو الآخر، علينا أن نتعلّم نشر الإيجابيات بشكلٍ أكبر من نشرنا للسلبيات، علينا أن نعرف أنّ نشرنا للإيجابيات سيحسّن أمورًا كثيرًا في حياتنا نحن، مشاعرنا وأعصابنا وأداؤنا بل وأداء الآخرين العاملين معنا أو المتعاملين، كلّ ذلك سيتغير لو فكّرنا اعتدنا التفكير بطريقة مغايرة قليلًا.

أؤمن أنّ الويب العربي كان ليتغيّر حقًا لو قام الجميع بشكر الناس الذين تعلّم منهم أيّ شيء، لا أحد يحبّ مربّع التعليقات فارغًا، تحوّل إلى آلة “شكرًا” واشكر جميع من تراه في الطريق، حتى لو لم تكن تعرفه.

ترى عظمة حديث: “وتبسّمك بوجه أخيك صدقة”، لأنّها ببساطة إيجابية، جميعنا تغرّد قلوبنا عندما نرى أحدهم يتبسّم في وجهنا ولذلك كانت من ضمن الصدقات التي يقبلها الله.

الخلاصة: اجعل الإيجابية هي سمتك الغالبة، وابتسم دومًا 🙂

الهدف

طالما أتاني السؤال من حينٍ إلى آخر عندما أقوم بأي أمر، لماذا أدرس؟ لماذا أقول لفلان افعل ولا تفعل وأدخل نفسي في مشاكل؟ لماذا أترجم مقالات؟ لماذا أقوم بعمل مشروع؟ طبعًا عرفت الأسباب الأولية – كغيري – لجميع هذه الأشياء ولكنني لم أكن أعرف حقًا لماذا كنت أقوم بما أقوم به، كنت فقط أقوم بهذه الأشياء لا شعوريًا لتمضية وقت الفراغ، ولعل هذه الإجابة هي الإجابة الأكثر دقة لحالي وقتها.

التقيت في أحد المدن الصغيرة التركية بطلبةٍ جامعيين بل ودرست معهم، تساءلت: يا ترى من يعرف هؤلاء؟ من يهتم بهم؟ هل كل ما لديهم في الحياة هو العيش والدراسة واللعب ولا شيء آخر؟ ما هي أهدافهم وإلى ماذا يطمحون؟ سألَنَا أستاذ اللغة الإنكليزية في أحد الأيام: “ما هو أكثر شيء يحفّزك”؟ وكانت إجابة جميعهم تقريبًا هي الموسيقى ومشاهدة الأفلام التحفيزية، أقصى ما يطمحون إليه في الوجود هو أن يصبحوا أطباء ومهندسين ومعلّمين، هذا يفسّر لي الكثير.

برأيي، الموت هو الدافع الحقيقي لفعل أي شيء في الحياة، فمعرفة أنك قد لن تكون هنا يوم غد كافية لتدفعك إلى القيام بالعديد من الأشياء والامتناع عن العديد من الأشياء كذلك.

مشكلتنا كمجتمع بشري هي أننا ندور في حلقة مفرغة لا تنتهي “من أجلنا” نحن فقط، نسعى لتحسين معيشتنا وكسب المزيد من المال والحصول على المزيد من الرفاهية، بل وربّما نتخطى ذلك لنعمل على إسعاد الآخرين ومساعدتهم، ولكن لماذا..؟ ماذا بعد؟ مالهدف النهائي الذي نبتغيه؟ نعمل كالآلات كلّ يوم، فقط تأمّل روتينك اليومي في حياتك وستجد أنّك مجرد آلة ضمن نظام رأسمالي عالمي يستفيد منك لا أكثر. تعيش وتتعلم وتتزوج وتموت، ويرحمه الله ويطيّب ثراه.

لم يخطئ سيد قطب عندما وصف هذه المجتمعات بأنّها مجتمعات “جاهلية”، هي جاهلية فعلًا، تجهل لماذا خُلقت، تجهل لماذا تعيش وتجهل كلّ شيء إلّا ظاهرًا من الحياة الدنيا، تعتبر حرّية فعل أي شيء صنمًا يجب على الجميع عبادته، وتحرّق كل من يعادي آلهتها نصرةً لها.

الهدف هو رضى الله ودخول الجنّة، هذا أقصى ما قد يطمح مخلوقٌ للوصول إليه، والوسائل تختلف، بين الجهاد وعمارة الأرض ومساعدة الآخرين وتحصيل العلم والتدوين والبرمجة وغيرها، رضى الله ودخول الجنّة هو ما يجب أن يكون الهدف النهائي لكلّ شيء.

قصّتي مع العمل الحرّ

نحتاج جميعنا إلى المال لتسيير أمور حياتنا، ولكي تكسب المال فأنت بحاجة إلى عمل، لسوء الحظّ، عندما تكون سيرتك الذاتية دون شهادات معترف بها دوليًا ودون أن تكون قد تخرّجت من الجامعة أصلًا – مثل حالتي – فإنّ فرصتك في الحصول على وظيفة محترمة تكاد تكون شبه معدومة. الوظيفة التقليدية الوحيدة التي كانت متوفّرة لي هي وظائف العمالة العادية.. حمّال، بائع حلوى، نجّار، وربما في أفضل الأحوال عامل في أحد محلّات المواد الغذائية.

أضف إلى ذلك كرهي للوظيفة التقليدية أصلًا، لا أحبّ أن أعمل كلّ يوم من الـ7 صباحًا إلى الثالثة عصرًا مقابل مبلغٍ كلّ شهر، هذا أمرٌ روتيني للغاية، وأنا أكره الروتين، إنّه يقتل الإبداع الموجود بك – حرفيًا – مما نفّرني أكثر وأكثر من أيّ وظيفة تقليدية قد أسمع بها.

قبل 5 سنوات دخلت عالم الإنترنت، وتعرّفت على مجتمع لينكس العربي ومن هناك تعرّفت على نظام لينكس، خبرتي الأساسية هي في مجال نظام لينكس وتطوير التطبيقات عليه وإدارته والتعامل معه، وهي الخبرة التي من النادر أن تستطيع استغلالها ماديًا وتحقق منها ربحًا يكفيك خصوصًا في العالم العربي حيث لا أحد يهتم لمثل هذه الأمور، ولكنني كنتُ أمارس التدوين على موقع لينكس اليوم، وهو الموقع الذي أسسته في 2011 لكي يكون موقعًا أوّلًا في توفير الأخبار والشروحات المتعلّقة بنظام لينكس والبرمجيات الحرّة باللغة العربية للمستخدمين العرب، ولذلك يمكنك القول أنّ مجال اختصاصي الأساسي هو “التدوين وصناعة المحتوى”. Read More

عن الحياة في العالم الافتراضي

لا شكّ أنّ أكبر الثورات التي نعيشها الآن هي ثورة التكنولوجيا والحواسيب، بجهازٍ موصول بالكهرباء والإنترنت يمكنك التحدّث مع شخص يعيش في النصف الآخر من الكرة الأرضية في غضون بضع ثوان وبشكلٍ مجاني تمامًا، يمكنك فعل آلاف الأمور الرائعة باستخدام هذه التكنولوجيا التي لأوّل مرّة تتوفر بهذا الشكل الرائع بالتاريخ البشري.

الأمر المقلق هو أن تتحول هذه الثورة التكنولوجية إلى “عالمٍ موازي” يعيش فيه البعض، تراه لا يهتم بشيءٍ من الحياة مثلًا بل فقط جالس ليلعب الألعاب الجماعية ويتابع الأنمي ويشاهد الأفلام. العيش في هكذا عالم مقلق للغاية لأنّه يجعل المرء منفصلًا عن الواقع، كيف يمكننا أن نعيش حياتنا الطبيعية وبيننا نسبة هائلة من الشباب ممن لا يتوقّفون عن لعب Counter Strike صباح مساء بشكلٍ يجعلهم منفصلين تمامًا عن الواقع؟ أو من يجلسون وراء تلك الشاشات من قبل طلوع الشمس إلى بعد غروبها فقط لمتابعة آخر مسلسلات الأنمي؟ عندما تحدّث هؤلاء الناس عن المجتمع، الحرّية، الإسلام، التطوّر العلمي والثقافي، هدف الحياة والوجود وغير ذلك من الأمور.. ستجده فعلًا منفصلًا عن الواقع تمامًا ولا يدرك ما يجرّي بالحياة حقًا، هذا الانفصال هو ما أتحدّث عنه. Read More