ضع في بالك وبينما تعمل المشاريع لدعم الويب العربي ونفع الأمة الإسلامية والمساهمة بما لديك من علمٍ أنه من الضروري كذلك للأمة أن يبقى لديها صوت عالمي (بالإنجليزية وربما غيرها من اللغات بدرجة أقل) في مختلف المجالات كذلك. سواء كان الكلام عن السياسة أو التقنية أو علوم الاجتماع أو الهندسات وغيرها من العلوم، من المهم ألا تبقى أمتنا محصورة بجلّ قوتها ومخرجاتها باللغة العربية فحسب.
أحداث غزة الأخيرة خير شاهد على ذلك، ولولا مساهمة آلاف الحسابات والقنوات الأجنبية بنشر القضية لربما كان الوضع ليكون أسوء مما هو عليه. هناك خذلان كبير غير مسبوق في التاريخ طبعًا وما قُدِّم لم يكن شيئًا يذكر لأهل غزة المكلومة، لكنه مع ذلك تسبب في حراكٍ كبيرٍ على الساحة الأجنبية مثل حراك طلبة الجامعات الأمريكية، وكشف تمويل السياسيين من منظمة آيباك الصهيونية، وجعل أوراق المغضوب عليهم تتحرّك في أصقاع الدنيا وتنكشف عنها أوراق التوت، بل لربما لتكون غزة سبب خسارة بايدن للانتخابات. ولهذا تداعيات اجتماعية كبيرة على المستقبل البعيد حتى بين ملل الكفر نفسها.
مبادرة Tech for Palestine مثلًا يقوم عليها شخص إيطالي غير مسلم، ومجموعة كبيرة من النشطاء الأجانب الذين ينسقون العمل بينهم على موقع Discord. هذه المبادرة لوحدها مسؤولة عن عشرات المشاريع الإعلامية والتقنية الأخرى الضاربة لمصالح الاحتلال في كل مكان.
لكن الأمر لا ينحصر في السياسة، بل حتى في الأمور التقنية مثلًا وغيرها فنحنُ بحاجة إلى ذلك.
عندما أنشر على FOSS Post مقالةً عن ضرورة التخلي عن نظام مايكروسوفت ويندوز والانتقال إلى البرمجيات مفتوحة المصدر، ثم يقرأ هذه المقالة آلاف الناس وتترجم إلى العديد من اللغات منها اليابانية، وتتصدّر المواقع النقاشية الأجنبية مثل هاكرنيوز وريديت، فإنني هنا أسدد ضربة ملموسة لشركة أجنبية كبرى بأدنى جهد. حتى لو استمع إليّ بضع نفرٍ من الناس، فهذا تأثيرٌ ملموس ويتوالد ويتضاعف مع مرور الزمن فكل واحدٍ منهم سينقل الفكرة لغيره.
هذه الشركات التي لم تتوانى عن دعم الاحتلال وفتح المراكز التقنية والبحثية فيه، أقل القليل الذي نفعله هو أن نضرب مصالحها عبر هذه الخطوات.
ولتفعل ذلك فلا بد أن يكون لديك صوت، مهم كان نوع هذا الصوت: موقع إنترنت، حساب تواصل اجتماعي مشهور عليه آلاف الناس، قناة يوتيوب يتابعها المئات، حساب لينكدإن لديك فيه الكثير من التواصلات… أي شيء يمكنك من خلاله التواصل مع جمهور هؤلاء الأعداء ونشر الرسائل التي تريد نشرها دون أن تخبرهم مباشرةً بذلك.
لا يعرف الكثير من الناس أن بعض الحسابات المشهورة على تويتر مثلًا يسيطر عليها هنود، ويحاولون بين الحينة والأخرى نشر أخبارٍ إيجابية عن بلدهم وجعل هؤلاء المتابعين يهتمون بها وبسياساتهم. هذه الحسابات من بينها مثلًا:
تنشر هذه الحسابات معلوماتٍ عامة حاليًا ولا تتبع خط نشر معيّن (وإن كانت تنسخ المنشورات بشكلٍ واضح من بعضها البعض)… إلا أن اللحظة المناسبة لاستعمالها من أي مؤثّر خارجي سيكون وقت الحروب والمشاكل السياسية، فستجد وقها فجأة أن الصوت الهندي عالٍ وفي كل مكان لامتلاكهم حساباتٍ مشهورة كهذه.
في مجالي وحده المرتبط بنظام لينكس والبرمجيات مفتوحة المصدر، أكثر من 50% من المنافسين والمواقع الأخرى هي لأشخاص هنود. لديهم شبكات من المواقع وليس موقع واحد فقط لكلٍ منهم، ويستعملونها لدعم بعضهم البعض والتصدّر على نتائج البحث مثلًا.
هذه قنبلة موقوتة تكبر شيئًا فشيئًا مثلًا، ولا أحد يعرف عنها.
وهذا وأنا لم أتطرق إلى تغلغلهم في مراكز صناعة القرار الغربية، ووسائل الإعلام، والمدونات ودور النشر، وغير ذلك.
فهذه دعوةٌ للقادرين على افتتاح المشاريع التقنية، وأصحاب الأعمال، والمتخصصين والمحترفين في مجالاتهم: ألا ينحصروا فقط بالنشر للجمهور العربي (وإن كان ذلك من أهم الواجبات)، وأن يحاولوا جهدهم لتشكيل قوى أكبر سواءٌ مع بقية الأمة الإسلامية من الأعاجم، ثم بقية عموم الناس على أي أرضية مشتركة يمكن البناء عليها ثم التأثير من خلالها على القضايا التي تهمنا.
حتى لو كان ما تفعله مجرد قناة يوتيوب أو حساب تلجرام أو موقع إنترنت أو برنامج مفتوح المصدر أو أي مشروع آخر… إنها تظل نوعًا من القوة طالما يمكنك استخدامها لنصرة دينك وإخوانك في أي وقتٍ لاحق، تلك القوة التي نحن مأمورون بتجميع جميع أشكالها وأنواعها حسبما استطعنا:
جزاكم الله خيرا، مقال رائع.
جزاكم الله خيرا
ما زالت هناك مساحات واسعة في الويب (العربي-العربي) و(العربي-العالمي) مهملة ومترهلة، وتحتاج إلى مشاريع هادفة ومؤثرة، وهذه المقالة مهمة جدًا أخي محمد
صدقت، أحسن الله إليك.